الرئيس السابق -على حد قوله- بسبب «الظروف العصيبة التى تمر بها البلاد»، وستتسلمها حضرتك بكل الحب، وأنا هنا لا أعنى أنك ستتسلم البلاد لكنك ستتسلم الظروف العصيبة. لقد غيرت الثورة جينات الشعب وأصبح عليك أن تتفهم طبيعة الشعب الجديدة بعد أن ذاب بعضه فى بعض وأصبح كتلة واحدة عبر 18 يوما فى الميدان.. لقد استيقظ المارد وكسر كل التابوهات التى عاش سجينا فيها على مدى ثلاثين عاما، وبعد أن كان يمشى إلى جوار الحيطة بقلب مرتعش أصبح الآن يمشى على الحبل بقلب ميت. بقدومك سيكون سلاح المظاهرات قد أصبح موضة قديمة، فهناك سلاح جديد اخترعه المصريون اسمه «سلاح التجريس»، سيتم تجريس حضرتك ما لم تسر على العجين دون أن تتلفه، والتجريس أصبح متاحا للجميع بعد أن أصبح كل جهاز كمبيوتر فى البلد عبارة عن وحدة مونتاج وورشة «فوتوشوب»، سيعدون لك كليبات ساخرة وبوسترات ستسرى سريان النار فى الهشيم تقارن بين حالك وأقوالك قبل الرئاسة وتسخر من تصريحات أو أفعال لا يرضى عنها الشعب، ستتحول بمرور الوقت إلى فقرة كوميدية إذا أسأت استخدام منصبك أو فشلت فى إدارة البلاد كما ينبغى، لن يشكوك أحد إلى الأمم المتحدة مثلا ولكن سيشكوك البعض إلى رسام الكاريكاتير البرازيلى كارلوس لاطوف حتى تصبح فضيحة حضرتك بجلاجل. الجميع تعلموا أن يقفوا للمسؤول على الواحدة، وسيلتزم الجميع (الليبراليون قبل الإسلاميين) بتطبيق مبدأ مساءلتك إذا عثرت دابة فى الطريق، ولن يلتفت أحد إلى البرلمان أو الأحزاب أو الشرطة، ستكون وحدك فى مواجهة الشعب، فقد سقطت إلى الأبد نظرية «الريس ماكانش يعرف»، وتأكد أن جملة «آدى اللى خدناه من الثورة» التى يرددها كثيرون ستختفى تماما بعد وصولك إلى الحكم، وسيحل محلها جملة «آدى اللى خدناه من الريس الجديد». أى أخطاء تحكيمية ستكلفك إزعاجا لا طاقة لك به، ولك عبرة فى جمهور الألتراس، وقود الثورة الذى يرفض الظلم حتى لو كلفه ذلك وجع الصدام والسجن، أما المسالمون فلن يترددوا فى حال أن خيبت ظنونهم أن يعتصموا فى حديقة القصر الجمهورى بالبوكسرات. اعمل حسابك أن الشعب لن يقبل مجددا موضوع التشريفة ولن يقضى ولو خمس دقائق فى الشارع انتظارا لمرور موكب حضرتك أو موكب أحد رجالك، وإذا لم تلتزم بالإشارة والظروف المرورية التى نلتزم بها جميعا فسنعتصم جميعا أمام إدارة المرور بالدرّاسة وسنطالب برحيلك من هناك حتى يصبح رحيلك نكتة دولية، وبالمناسبة كل من هم حولك أهداف سهلة للشعب يمكن إصابتك من خلالهم.. لقد كان درس «الرجال المحيطون بالرئيس» موجعا، فعليك أن تدقق عند اختيارك من يحيط بك تدقيق المجنى عليه فى أثناء عرض المتهمين فى النيابة، وإذا نشرت لك الصحف يوما صورة وإلى جوارك ابنك أو ابن أختك أو ابن خالتك فستكون الطامة الكبرى.. يُستحسن أن تعلن فى أول خطاب لك أنك مقطوع من شجرة. لن تستطيع أن تصبغ شعرك أو أن تضع عدسات لاصقة أو أن يبدو وجهك فى لقطة مقربة بلا تجاعيد، وسندقق النظر إلى البدل التى سترتديها ورابطات عنقك وتيكت قمصانك، وحذار من أن ترتدى ملابس مستوردة، ويفضل أن تخبر الشعب باسم الترزى الذى ستتعامل معه حتى تغلق الباب فى وجه من سيتهمونك بأن ملابسك منحة من بلاد الكفرة. لن نقبل أن يمر عام دون أن تصاب بوعكة صحية فقد أصبحت لدينا حساسية من رجال الدولة الذين يعبرون السبعين وهم فى صحة سيد معوض بينما أبناء الشعب العاديون يسير كل منهم فى الشارع وهو يحمل ملف الأشعة والتحاليل بينما لم يتجاوز الخامسة والثلاثين. لن تستطيع أن تذهب إلى شرم الشيخ كثيرا وإلا أصبحت فى نظرنا محسوبا على النظام القديم، وسيصعب عليك أن تصلى العيد فى مسجد القوات المسلحة وإلا شككنا فى وجود صفقة سياسية بينك وبين المجلس العسكرى، ولن نقبل أبدا أن تكون الفترة الزمنية بين الإعلان عن خطاب لك وظهور الخطاب أكثر من ساعة، ولن نقبل تأخيرا فى الإعلان عن موقفك من أى حدث ما فى أقل من ساعتين، وإياك من الاقتراب من المنتخب الوطنى، وإياك وزيارة معسكراتهم التدريبية أو إرسال برقيات تهنئة بمناسبة فوزهم بأى بطولة إلا لو كانت بطولة كأس العالم على أقصى تقدير، واحذر أن يقترب منك مواطن عادى فى الشارع أو فى أثناء زيارتك إحدى المدن حاملا طلبا ما فيقوم رجالك بمنعه، واحذر استخفاف الدم والإفيهات القديمة أو السخرية التى تهين أو توجع القلب حتى لا تنقلب عليك خفة الدم كما انقلبت على الرئيس السابق بلافتات شاهدها العالم كله. كل ما سبق مجرد مقدمة، وغدا إن شاء الله يا سيدى الرئيس سأدخل فى الموضوع.
2011-09-03
عمر طاهر يكتب فى التحرير: هل يعرف الرئيس القادم ما هو مقبل عليه؟ «1»
![]() ![]() ![]() ![]() |
0 Comments:
إرسال تعليق