2011-09-03

عمر طاهر يكتب فى التحرير: هل يعرف الرئيس القادم ما هو مقبل عليه؟ «2»

|

تضم قائمة الأشخاص المرشحين لمنصب الرئيس القادم أسماء محترمة، حضرتك واحد منهم، لكن كونك شخصا محترما لا يتنافى مع فكرة أنك قد تكون تورطت خلال حياتك فى أخطاء يتم عقابك عليها حاليا بأن تصبح أول رئيس لمصر بعد الثورة، مثلا ربما كنت طفلا بتاع مشاكل، ربما تسببت فى عاهة مستديمة لصديق من أصدقاء الطفولة فدعا عليك أهله، ربما تكون صدمت شخصا بسيارتك وهربت عندما كنت تأخذها دون علم والدك، ربما قد قضيت فترة مراهقتك تكهرب القطط وتشعل النار فى شعر ساق زملائك وهم نائمون، ربما كنت تطلب من أهلك ضعف ثمن مذكرات الجامعة وتحتفظ بالفرق لنفسك، ربما دخلت فى قصة حب فى أثناء الجامعة وجعلت زميلتك تتعلق بك ثم نفضت لها فكسرت قلبها، من المؤكد أنك قد فعلت ما تستحق عليه عقوبة أن تصبح رئيس مصر عقب خروج المارد من القمقم، بعد أن أصبح المصريون لا يترددون فى المطالبة بحقوقهم وتخلصوا من آفة السكوت عن الظلم والرضا به وخطت الشوارب فى وجوههم وأصبحت أصواتهم غليظة تطير النوم من أعين أسراب الخراتيت فى بحيرة فيكتوريا.
هذا التغيير يفترض أن لا يؤذى أحدا، لكننا حديثى العهد بهذه التغييرات، لذلك سنحتاج إلى بعض الوقت حتى تصبح مطالبتنا بحقوقنا واعتراضنا على الظلم أكثر تنظيما وتحضرا وذكاء، ستكون حضرتك رئيس مصر فى الفترة التى نتعلم فيها فى بعضنا بعضا كيف نكتب كتالوج الحضارة الجديد، ومثلما ينفعل الرجل المصرى على زوجته عندما يؤرقه أى شىء فى الشارع سننفعل على حضرتك طوال الوقت حتى يصبح الشارع قريبا مما نحلم به.
انتهى زمن الحيل السياسية التى تؤمن مستقبل الحاكم ونظامه، لأن الأدوات التى كانت تساعد على ذلك انتهت.. انقضت أسطورة أمن الدولة تحت أقدام مارد كبير ومخيف اسمه الحرية، لن يتنازل المصريون عن العيش فى كنفه.. وانتهت أيام الحزب الحاكم الذى يمتلك الدولة بوضع اليد، بميلاد عشرات الأحزاب والتيارات اليقظة.. وانتهى زمن الإعلام الحكومى بعد أن أصبحت فضيحته بجلاجل، لن يساعدك فى تأمين مستقبلك السياسى سوى الشعب نفسه، وهذه مشكلة أخرى.
فالشعب لم يتخلص بعد من آفة قديمة اسمها آفة صناعة الفرعون، ولك فى دفاع البعض المستميت عن أخطاء المجلس العسكرى التى لا تخطئها عين، دليل، ولك فى احتفال البعض بوجود عصام شرف فى محل فول وطعمية وحمل حذاء سيدة ريفية كانت تزوره فى مكتبه، دليل آخر، ما زلنا عاطفيين وقد يتعلق بك البعض ويدافع عنك بسذاجة، وقد يتطوع المطبلاتية لتضخيم هذا الاتجاه وتعميمه فى البلد.. ساعتها ستكون حضرتك قد وقعت فى الفخ، ستخدعك هذه المحبة الساذجة وسيصورها لك رجالك وكأنها إقرار بشرعيتك الأبدية، ستصبح فرعونا جديدا دون أن تدرى، وبمرور الوقت لن تستمع إلى أى رأى معارض، ولن تلتفت إلى أى أضواء كاشفة يمدك بها المخلصون، ستخترع حججا للديكتاتورية وستبرر أخطاءك ببراعة وستصبح نسخة من الرئيس السابق الذى بدأ حياته بأنه (مش هيجدد) وظل ثلاثين عاما (ينجد) فينا والمحيطون به يصفقون له.
إذا كان لا بد لك أن تحسب حسابا لجرأة الناس عليك مرة، فعليك أن تحسب ألف مرة حسابا للحظة التى سيصنعون فيها منك فرعونا، لأن شريحة الشعب قد تغيرت، قد (تهنج) قليلا لكنها ستعود لطبيعتها فى أقرب فرصة وسينظرون لهذا الفرعون الجديد ثم يلتهمونه كأصنام العجوة.

0 Comments:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Animated Social Gadget - Blogger Tips and Widgets