2011-07-29

عمر طاهر يكتب فى التحرير: الطاقة الجماعية

|


أختلف مع بعض الأفكار التى طرحها مرشح الرئاسة حازم أبو إسماعيل فى «آخر كلام» أول من أمس، لكننى لم أجد فى هذا الرجل ما يمنعنى من احترامه، كنت أتابعه بأريحية شديدة حتى فى عز لحظات اختلافى مع ما يقوله. كانت من المرات النادرة التى أجلس مستمتعا فيها بخلافى مع أحد منذ الثورة، بعد شهور طويلة كنت أمتعض وأتوتر بشدة من أسلوب وطريقة بعض الأشخاص الذين يقولون ما أتفق فيه معهم تماما.

جاءت هذة الحلقة فى وقت كنت أفكر فيه كيف يمكن للواحد أن يصارح نفسه بالعيوب التى نقع فيها منذ بداية الثورة، عن نفسى أعرف أن الواحد يخطئ أحيانا ويندم ربما على مقال هنا أو جملة هناك، لكن التوتر الذى نعيش فيه يوما بيوم وساعة بساعة يحول بين الواحد وبين التقاط أنفاسه وإعادة تقييم أفكاره، وكانت الليلة التى أذيعت فيها هذة الحلقة فرصة مناسبة، إذ انقضت السهرة أمام البرنامج دون مشاحنات أو صوت عال أو تجريح أو شدة أعصاب، وفرض حازم أبو أسماعيل بسماحته على أجواء السهرة حالة من اعتدال المزاج النفسى ساعدت الواحد فى محاولته استكشاف بعض الأخطاء التى تكدر صفو حياتنا مثل:

التعامل مع الأفكار والأشخاص بالجملة: إما أن تقبل الشخص كاملا وإما تناصبه العداء كاملا (الكلام نفسه ينطبق على الأفكار) وهو خطأ يحرمك من ميزة التعلم مما يميز الآخرين ويمنحهم وجودا معترفا به من كثيرين. هذا فى حالة العداء الكامل، أما القبول بالجملة فهو يعمى عينيك عن عيوب ربما تكون فيك أنت شخصيا جعلتك تتقبل الفكرة أو الشخص على إطلاقهم.

التربص: البعض يستمع إلى الناس أحيانا وهو جالس على طرف الكرسى، هناك تحفز خفى يحولك فى لحظة إلى أمين شرطة يبحث فى كلام محاوره عن ثغرة، وهو أوبشن مرهق نفسيا ويتضخم داخل الواحد حتى يتورط فى أن يلوى ذراع كلام من يحاوره حتى «يمسك عليه غلطة». أسوأ ما فى التربص أنه يشغلنا عن الاستفادة من المساحات المشتركة بيننا.

سهولة التخوين: وهو أمر ناتج عن استغراقك فى عملية التربص، وهو دليل على ضعف الشخصية والحجة والشعور بالخوف. والتخوين بلا دليل أراه أمرا لا يقل إرهابا عن التكفير، ومثلما يبوء من يكفِّر شخصا ما بالتهمة ما لم يكن يمتلك عليها أمارة، أصبحت أشعر أن تهمة الخيانة تليق أكثر بمن يستسهل تخوين الآخرين، وأصبحت أشعر أنه من الغباء أن يهدر الواحد نصف طاقته فى نفى الآخر بدلا من أن يهدرها فى الاستفادة به ورفع معدل الطاقة الجماعية.

لا بد أن نؤمن جميعا بأنه من حق كل واحد فينا مساحة للخطأ، لا أحد يمتلك الإجابات النموذجية النهائية، ومن حقى أن أمتلك مساحة تسمح لى بأن «ألف وارجع تانى» إذا اكتشفت أننى كنت مخطئا، هذه المساحة تبدو مثل «النقطة» التى يتبادلها أبناء الشارع الواحد فى مناسبات مختلفة، فهى عندك النهارده وعندى بكرة، والاعتراف بحق كل واحد فى مساحة الخطأ هذه لا ينفى أبدا أن نقول له بكل أدب إنه وقع فى الخطأ.

جرب الواحد جميع أنواع الاختلافات، قد تستمتع عندما تقنع من أمامك بوجهة نظرك لأنه لا يمتلك واحدة قوية، قد تستمتع عندما تختلف مع واحد له وجهة نظر قوية لكنه قليل الأدب بأنك أثبت له أنه مخطئ، لكننى اكتشفت أن المتعة الأكبر تكمن فى الخلاف مع الأشخاص المحترمين، وأن الخلاف مع شخص محترم ومرتب الأفكار سيكون ممتعا أيا كانت النتيجة. يبدو أن الواحد عليه أن ينتقى جيدا من يجب عليه أن يختلف معهم.

فى المقابل هناك أشياء كثيرة أؤمن بأنه لا بديل عن التعامل معها بالحدة والشدة والتربص. الكذب والافتعال وقلب الحقائق والالتواء وقلة الذوق وقلة الأدب والتفاهة والفساد والإفساد والنيات السيئة والتشويه المجانى والتضليل والاستهبال، هى أشياء أولى بأن يهدر الواحد طاقته فى مطاردتها حتى تخر صريعة.

سأعتبر كل العيوب التى تم ذكرها فى المقال عيوبى الشخصية ولن أحمّلها أحدا، لكن إذا وجدت يا صديقى أى تشابه بين العيوب المذكورة فى المقال وعيوبك فهى (مش صدفة

0 Comments:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Animated Social Gadget - Blogger Tips and Widgets