2011-12-08

عمر طاهر : 20 سببا لعدم هروب مبارك «2»

|


(1)
تحدثنا بالأمس عن سببين منها ربما يبرران لماذا لم يهرب مبارك فى أثناء الثورة أو بعد أن اقترب من السقوط؟ الأول له علاقة بخلفيته العسكرية التى اعتبرت الشعب خصما فى حرب لا يمكن الانسحاب منها، لأن الانسحاب عار «هى حرب فى وجهة نظره ليست ثورة ولا مطالب شرعية».. مضافا إلى هذا السبب ما رسخ فى ذهنه عن الخسائر الناجمة عن الانسحاب نتيجة ما عايشه من خراب على هامش 67.
السبب الثانى له علاقة باكتئاب ما بعد الهزيمة، الذى يجعل الأشياء كلها تستوى فى عين المهزوم، فلا فارق بعد الهزيمة بين الهروب والبقاء.
(2)
فى الطب النفسى نظرية تتحدث عن «إعجاب القتيل بقاتله»، ناتجة عن فضول القتيل لمعرفة كيف استطاع القاتل أن يفعل ذلك وكيف سيتصرف بعدها.
ربما كان لدى مبارك فضول طوال الوقت ليعرف إلى أى مدى سينجح الثوار فى مهمتهم، يود لو يعرف سر جرأتهم فى الإقدام على كتابة النهاية له، فى وقت لم يكن يرى فيه نهاية للوضع الذى يعيشه منذ سنوات، ويعد باستمراره حتى آخر نفس فيه مع التلويح بأن جده مات وهو فى سن الـ115، وإلى مدى سينجحون فى تلك المهمة بعد أن ارتضى البلد كله من قبل أن تكون النهاية قدرية ربانية لا بإرادة البشر.
عدم هروب مبارك كان صيغة أخرى من سؤال «من أنتم؟!».
(3)
كان لوفاة حفيده أثر مربك على الرئيس السابق، فقد كانت لحظة جعلته ربما يتمسك بالاستمرار فى الحكم لمقاومة الموت، لا إراديا عندما يفقد أحد ما شخصا عزيزا عليه، يصبح حساسا تجاه فكرة الموت، ويتوقعها فى أى وقت، ويظل يقاومها بالتوغل فى الحياة قدر استطاعته.
(4)
ربما لم يهرب لأنه رضخ لصفقة ما تحميه وتؤمن استمراره فى الحياة على أرض مصر معززا مكرما، صفقة ما لم تكلل بالنجاح تحت وطأة إرادة الشعب، مبارك الذى نادرا ما يثق فى مَن حوله.. عندما فعلها لأول مرة ووضع ثقته كاملة فيهم كان الوقت قد تأخر.
(5)
يحتاج الهروب فى مثل هذه المواقف إلى لياقة بدنية وذهنية نادرا ما تتوافر عند ديكتاتور، قد تتوافر عند رجل «بتاع 3 ورقات» مثل بن على، كانت الصدمة كبيرة لدرجة أنه حتى لو كان الهروب حلا مطروحا، فإن وطأة الحدث تفقد رجلا مثل مبارك القدرة على الإمساك بتقنياته المثلى.
(6)
كان لدى مبارك إيمان تام أن البلد لن يستطيع أن يستغنى عنه مهما بدا لهم ذلك سهلا وواردا، كان لديه قناعة أنه الوحيد الذى يحتفظ بـ«الباس وورد بتاعة البلد»، وأنه الوحيد الذى يمتلك كتالوج التشغيل، ومهما علت الأصوات المطالبة بالرحيل فسيكتشفون بعد قليل أنه أمر مستحيل فمبارك لا يمكن الاستغناء عنه.
(7)
تورط مبارك فى التعليق على ظهور البرادعى فى الصورة وتجمع المطالبين بالتغيير حوله كنقطة نظام، اضطره إلى عدم تجاهل الرد على تحركاته، وكان هذا الاضطرار ينغص عليه تفكيره طول الوقت، خصوصا إذا ما فكر للحظة أن البرادعى سيحل محله، كان البرادعى أكثر ما ينغص على مبارك نظرته إلى الصورة كلها، وكان يقاوم أن يحل هذا الشخص تحديدا محله، وأزعم أنه كان نادما طوال الوقت على أنه أسهم فى لفت الأنظار إليه بزيادة، بأن ذكره فى معرض الكلام، أو بأنه حرض عليه إعلامه ورجاله.
(8)
الفلاح الكامن داخل مبارك لا يمكن تجاهله، دعك مما يتردد دائما عن الجزء الخبيث فى تركيبة الفلاحين، واهتم بالجزء الصادق فى الفلاح المصرى مهما كان طيبا أو شريرا، الجزء الخاص «سأموت فى بلدى».
(9)
من المؤكد أن المحيطين بمبارك كانوا سيقاومون فكرة الهروب -إذا افترضنا طرحها- لن يقاوموها خوفا على مبارك أو محبة له، لكنهم سيقاومونها، لأن «يا ريس لو هربت كده يبقى أنت بتسلمنا كلنا».
(10)
إيمانه التام أن ما يحدث خلفه قوى خارجية وأجندات أجنبية، رأى البعض أن فى ذلك تشويها متعمدا لثوار التحرير، وهذا وارد فى جزء لكن فى جزء آخر كانت هذه هى قناعة النظام التامة والحقيقية، فما حدث لا يشبه الشعب المصرى الذى يعاشرونه منذ 30 عاما، كانت هناك محاولات فردية محدودة سقفها سلم نقابة الصحفيين والجامعات وإضرابات المحلة، لكن هذا الزخم كان مفاجئا أكثر من مفاجأة قدرة المصريين على العبور واقتحام خط بارليف، لذا كان النظام يؤمن أنها أيادٍ خارجية، بناء عليه رأى فى التمسك بالحكم ومقاومتها وعدم الهروب عملا وطنيا بحتا.
(11)
فى حديثه مع عماد الدين أديب كان مبارك يتحدث عن رحلة الهروب بالطائرات الناجية من القصف الإسرائيلى فى 67، كان مبارك يتحدث باستفاضة عن فكرة أن الطائرة عهدة لا يمكن التفريط فيها.. مبارك فى هذه اللحظة وبما أنه موظف بيروقراطى كبير كان يرى البلد عهدة لا يمكن التفريط فيه، بالضبط مثل عهدة الطائرات التى تَعوّد على التعامل معها، كان مبارك يرى أن العهدة لا يمكن تسليمها إلا بمحضر رسمى يوقع عليه موظفون معتمدون، ولم يكن أهل التحرير فى نظره رسميين بما يكفى لأن يتخذ هذه الخطوة.

0 Comments:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Animated Social Gadget - Blogger Tips and Widgets